الطبيعيُّ في نَشَاءَةِ العلوم أن تبتدئَ كُتُبُهَا مختصرَةً فمتوسِّطَةً فمُطَوَّلة، ثم يعود الناسُ للاختصار.
د. عزام بن عبدالله الغطيمل
دكتوراة في الفقه
- 01/09/2022
عدد المشاهدات 83
– ننشر هذه المقالة ضمن برامج مبادرة إرث المتخصصة في تاريخ العلوم التراثية –
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإننا عندما ننظر في الدراسات التاريخية للعلوم نلحظ فيها اهتماماً بتفقد الظواهر في العلم محلَّ الدراسة. ويحدث كثيراً أن تقع هذه الدراسات في إشكالات في طرق التعاطي مع هذه الظواهر والتعامل معها، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى نتائج تجانب الصواب، قد تبقى مسلمة لمدة لا يستهان بها لدى الباحثين في تاريخ العلم، وحتى الوقت الذي يأتي فيه من يصحح المفهوم الخطأ إذا بالنتيجة قد بلغت أعالي البحار، وربما تجاوزت أهل الاختصاص إلى غيرهم، فيتسع الخرق على الراقع.
وفي سبيل تطوير مقاربة منهجية في هذا الصدد فإننا يمكن أن نقسم الكلام في دراسة الظواهر التاريخية إلى مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: رصد الظاهرة (أو ملاحظتها أو الكشف عنها).
المرحلة الثانية: قراءة الظاهرة (أو الموقف منها).
وهذه القسمة قد لا تكون مستأنفة الوضع، بل هي مسلمة بيِّنة بنفسها عند التحقيق كما سيأتي شرحه، لكن (كم من بيِّن لا يُعتنَى به؛ ثم تعثُر فيه الأئمة عند مُغَافَصةِ الأسئلة!)، كما يقول أبو المعالي الجويني(1)، وربما يقر في نفس الناظر المعنى العام لأصل عتيد، لكنه لا يلتزم استصحابه عند التطبيق.
ولنتناول هاتين المرحلتين بالشرح والبيان.
الطبيعيُّ في نَشَاءَةِ العلوم أن تبتدئَ كُتُبُهَا مختصرَةً فمتوسِّطَةً فمُطَوَّلة، ثم يعود الناسُ للاختصار.
غَيْرُ مَخْبُوءٍ عَن ذِهْنِ النَّبيهِ أن فَسادَ تأويل ألقابِ العلوم بابُ اختلالِ النظرِ فيها.
ولم يختصَّ المتقدِّمون بهذا الاعتناء، بل ما زال يربو عجينُه إلى اليوم.